نواذيبُو : تراويح وصالونات:تدوينة لمحمد لغظف ولد محمد
تسمع تلاوة صلاة التراويح في مدينة نواذيبُ فتطمئن خاشعا فلا تلبث أن تـقـفـز لك بين سكتات الإمام صيحات من حفلات المومسات في أحد صالونات تصدير النساء، فبين كل مسجدين سلسلة صالونات تضيء الليل بألوان الرذيلة. إن المرء لا يطمئن أن يدركه الإفطار في مسجد من مساجد نواذيبُ، لأن ما يأتي للمسجد من إفطار لا يخلو من تمرةٍ حملتْها مومس حصلتها من عرَق فخذيها، أو شراب حمله مقامر اعتاد الصلاة في المسجد، أو حساء حملته امرأة في سيارة اشتراها لها ماجن جمعت بينهما ليلة من ليالي كبانو، فجميعهم يغطون الرذيلة بحمل بعض ما رزقهم الله به إلى المسجد، وأنت لتلك الأسبابب تتورع عن الإفطار في أطهر بقاع نواذيبُ حيث الصلاة والقرآن والعبادة، لا لشيء إلا لأن الحلال والحرام اختلطا حتى لم يعد مسجد يفصل بينهما، وإن الإمام ليتقوى على التلاوة في صلاة المغرب بإفطار حمله إلى بيت الله مخنث يرجو الصفح عن مبيعاته الليلية، وإن المؤذن ليتقوى على رفع الأذان بشراب أعـدّتْه بـغِـيٌّ من عمل شاق في ليلة باردة، فتكاد تسمع في صوت المؤذن صيحات البغايا على حجارة كبانو، فقد اختلط في نواذيب حابل الرذيلة بنابل العبادة. تأتي للرجل لتسلم عليه في بيته، فتسأله عن أهل البيت، فيقول: بناتي خرجن في رياضة على طريق دبي، وزوجي خرجت تشرب الشاي مع جارتها، ثم لا تلبث أن ترجع الزوجة التي صالت وجالت في أزقة مظلمة ضيقة وهي تحمل ألوفا تدعي أنها استقرضتها من جارتها، ثم تلج بعدها بناتها كأنما رجعنَ من سفر، وهن يحملن الهدايا من حلوى وعصائر يتحفن بها أباهن فيأكل الأبله ويشهد لهن بالبرور ولا يسأل من أين لهن هذا، فقد تعود بطنه على السحت فصار ديوثا لا يسأل ولا يُسأل. وفي الحي الذي أقيم فيه تزوجت جارة لي على رجلها فصار يقيم معها في دارها رجلان، واستمر ذلك حتى طلقها الأخير وبقي الأول، ولعل الأول لم يدخل عليها قبل انتهاء عدتها امتثالا بما يقتضيه الشرع الحنيف. لقد اصطلح الناس هنا واتفقوا -إلا من رحم الله- فتكاتموا على دمج الانحلال وتوطيده، وإن الطالبة في الثانوية لتستشهد لك على عفتها بأنها تذهب مع صديق أختها في سيارته فلا تعطيه رقمها، فتهز أنت رأسك كالديك وتهنئها قائلا كثر الله من أمثالك. قبيل السحور بدقائق، ترى سيارة شرطة أمام مسكن هو مطعم خارجي لكنه نجاسة داخلية، أيسرُ ما فيه ضراط الملثيين، ثم ترى الشرطي يكلم صاحبة المسكن ويناشدها أن تأتي بمستحقاته من الأرباح ويستعجلها كي لا يفوته وقت السحر، فتصبّره هي وتقنعه بأن تأخير السحور مندوب، ثم تتخلل حوارهما نغمات “بنجه” خارجة من المسكن، فترى تمايل شرطة التمثيل مع أشرطة المثليين. ولا ريب أن الأعمال مضاعفة في هذا الشهر الكريم، فالعاملون مجتهدون في زيادة العمل مع اقتراب العشر الأواخر، والنجاحُ في الحياة مقرون بالتعب في تحصيل الأسباب والصبر على ذلك، ومن طلب العلا سهر الليالي.