أخبار عاجلة

ولدبلال : لم يبق شيء محل تراضي أو إجماع

VB

من المعلوم – ضرورة – أن العلاقة بين السلطة و المعارضة تعبر في كل زمان و مكان عن مستوى الحياة السياسية ، وعن درجة تقدم المجتمع و ارتقائه.

 

فالقطيعة التامة و الشك و الريبة المتبادلة بينهما، و التي تحولت منذ خطاب النعمة إلى ما يشبه العداء، كلها عوامل تؤشر إلى مجال سياسي مغلق و مأزوم. إن ما نشاهده هذه الأيام و ما نسمعه من خطابات “عدوانية” و خطابات مضادة منغلقة على ذات حصرية طاردة للآخر، يكفي للدلالة على أن سفينة الوطن تطفو بصعوبة على سطح بحر من الأزمات، و باتت مهددة بالغرق – لا قدر الله – إن لم نتدارك أمرها. بالفعل. نحن أمام ساحة سياسية آخذة في التآكل و التفكك و التشظي و التناثر…لا مركز لها، و لا نقطة توازن.

الكل فيها يحارب الكل ! و لم يبق شيء محل تراضي أو إجماع. فالسلطة ترى في المعارضة عدوا للوطن يجب الاجهاز عليه، بل وتذهب إلى أن كل من لا يواليها هو عدو محتمل. و المعارضة، من جهتها، ترى في السلطة شر و نهب و تخريب يجب استئصاله و نفيه. و الفريقان يقفان على طرفي نقيض. فالتصديق التام من جهة الموالاة يقابله التكذيب التام من الجهة الأخرى، و “الحقيقة الكلية” يقابلها “الباطل المحض”، و الولاء المطلق تقابله العداوة المطلقة…و هكذا تضيع نسبية الأشياء !

والمشكلة في هذين الخطابين الضدين لا تكمن في عدم إمكانية التقاء القائلين بهما و في عدم إمكانية الحوار بينهم فقط، بل تكمن أساسا في أن أصحاب السلطة لا يرون في النظام شيئا يحتاج إلى إصلاح، و أصحاب المعارضة لا يرون فيه شيئا يمكن أن يصلح. و كل بما لديهم فرحون. أولئك غارقون في إيجابية مطلقة، و هؤلاء غارقون في سلبية مطلقة.

فالطرفان معا سلبيان إزاء الاصلاح الديمقراطي و التناوب السلمي، بل أكثر من ذلك، هما متواطئان موضوعيا على بقاء الوضع كما هو عليه، إذ أن القول بأن كل شيء صالح هو ذاته القول بأن كل شيء فاسد. و في هذا السياق، يكون البلد في توازن صفري، لا يمكن معه تداول سلمي على السلطة بين جهتين متناقضتين “تعادميا”. فالتداول لا يكون، و لا يمكن أن يكون، إلا بين قوتين متنافستين و لكنهما متراضيتين في الوقت ذاته، و بالتالي، فإنه لن يتم إطلاقا ما لم تكن هناك مساحات مشتركة تلتقي فيها الموالاة و المعارضة إيجابيا، و تفاهمات و تراضي على أسس و قواعد اللعبة السياسية، و إلا كيف يمكن أن يتحول الشيء إلى نقيضه من دون تدمير الوحدة أو تفكيكها.

ولنا، في موريتانيا، تجارب قاسية و معروفة مع واقع العداء و الشر و الكراهية و التصعيد الدائم، بسبب وبلا سبب، بين الفرقاء السياسيين. إنه واقع عقيم و سقيم، عنوانه البارز : “تأزيم” ثم “انقلاب”، ثم “تأزيم”، ثم “انقلاب”، ثم “تأزيم”، و هكذا دواليك… ومع كل انقلاب يسقط الجميع – تسقط السلطة و المعارضة معا – و يبدأ العمل من الصفر. فهذا النوع من العمل السياسي “مواليا” كان أو “معارضا” لا طائل من ورائه و لا فائدة فيه. فهو لا يقدم، بل يؤخر في الغالب. لا يمنح السلطة البقاء، و لا يمنح المعارضة الوصول ! و من هذا المنطلق، و بناء على ما مضى من تجارب مرة، و ما تراكم من دروس و عبر، أقول بأن شلل الحياة السياسية على هذا النحو، و انسداد الأفق، و الاستسلام للعاطفة و الخطابات النمطية و القوالب الجامدة…يفتح الباب دوما أمام استيلاء العنف و العنف المضاد في كل حين. و يؤول حتما إلى خسارة الجميع. فلا السلطة تبقى مكانها بهذه الطريقة، و لا المعارضة تصل مبتغاها ! إنه وضع عقيم بما في الكلمة من معنى. لذا، أردت لهذه الورقة عنوان: السلطة و المعارضة معا… في خطر ! عسى أن ينتهي التصعيد ليحل محله الهدوء و التلازم و التكامل.

و الله ولي التوفيق

محمد فال ولد بلال

اتصل بنا على: 43409999 - 36676969 - 20301515

شاهد أيضاً

هل سمعتم معي أن الحكومة قررت إنشاء سلطة مكلفة بمحاربة الفساد؟سيدي ولد أحمد ديه

هل سمعتم معي أن الحكومة قررت إنشاء سلطة مكلفة بمحاربة الفساد؟وهل سمعتم قبلها مسؤولين كبار …