أخبار عاجلة

قصتي مع كنته :الحسين ولد محنض بمناسبة الدعوة التي نظمتها منسقية أهل محنض بابه بن اعبيد الليلة البارحة على شرف أسرة القطب الرباني الشيخ سيدي المختار الكنتي

كتب الأديب الأريب الحسين ولد محنض بمناسبة الدعوة التي نظمتها منسقية أهل محنض بابه بن اعبيد الليلة البارحة على شرف أسرة القطب الرباني الأشهر شيخ الشيوخ الأكبر الشيخ سيدي المختار الكنتي

قصتي مع كنته

تعود قصتي مع كنته وإعجابي بهم، وهي بالمناسبة قصة بحث تاريخي لا قصة علاقة مع مجموعة أو أشخاص لأن من أعرف منهم بصورة مباشرة قليل جدا، تعود إلى اطلاعي على مسارهم التاريخي والديني وريادتهم التي لامنازع لهم فيها منذ ظهور المجتمع البيضاني في هذه الأرض، حيث إن ميلاد المجتمع البيضاني وتاريخه في بلادنا الذي هو نتيجة لتزاوج الثقافتين الحسانية والصنهاجية، ونسق تراتبيته الحالية مدينان للمنهج الذي اختطه جدهم القطب الشيخ سيدي محمد الكنتي دفين فصك لقبائل بني حسان إبان حربها مع ابدوكل وغيرها من قبائل صنهاجة، كما أوضحته في محاضرة سابقة لي بعنوان: “مدرسة الشيخ سيدي محمد الكنتي ودورها في التاريخ الموريتاني” تحدثت فيه عن دوره الأساسي الفاعل في أحداث عصره، كما تحدثت فيها عن دور ذريته بدءا بابنه الوحيد الأوحد الشيخ سيدي أحمد البكاي دفين ولاته الذي أفردت له محاضرة خاصة به ألقيتها مهرجان المدن الأثرية بولاته بعنوان: “الشيخ سيدي أحمد البكاي في ولاته عصر ما بين الرحلتين رحلة ابن بطوطة ورحلة الوزان”، والذي زرته ضريحه الطاهر بولاته رفقة بعض أبنائه وخاطبته بمناسبة تلك الزيارة قائلا:
((يا شيخنا قد كان ما قد كانا
منا وجئنا نرتجي الغفرانا

ولنا حوائج ضاق عنها ذرعنا
والذرع منا ضيق أحيانا

يعيي الجَنان لدى التكلم حصرها
أو بسطها ولو استحال لسانا

يا سيدي البكاي جئتك زائرا
ومعي بنوك فأولنا إحسانا

يا من له دانت ولاته وأهلها
وسباعها قد أذعنت إذعانا

وأبى اقتحامَ جنابه السيلُ الذي
أمسى دفينا حيث مر زمانا

حتى أتي بعد الهجوع خيارَهم
فأفادهم عنه بما قد كانا

من فتح قبر بالمكارم طافح
أو حل كفن بالمعالي ازدانا

او نقل جسم ما تغير حاله
لما له الله المهيمن صانا

بل ما تزال دموعه تجري كما
كانت وذاك رأوه منه عيانا

فالفضل منه بان طول حياته
والفضل بعد الموت منه بانا

يا سيدي البكاي حقق سؤلنا
ومرادنا ومراد من أوصانا

لا خاب مسعانا إليك هنا ولا
خبنا ولا ضاعت إليك خطانا)).

وأنجب هذا الشيخ أولاده الثلاثة الذين تفرعت عنهم الشجرة الكنتية وهم: الشيخ سيدي محمد الكنتي الصغير، والطالب بوبكر الحاج، وسيدي أعمر الشيخ، الذين ظلوا هم وأبناؤهم وأحفادهم حيثما حلوا سادة للأرض دينا ودنيا، فامتلكوا أهم مصادر الثروة فيها من مناجم وواحات، ونشروا العلم والتصوف والأخلاق الحميدة، فلذلك إليهم تعود أعلى السلاسل القادرية التي هي أقدم الطرق الصوفية في البلاد، وقد بلغوا كما ذكرته في محاضرتي الأولى “من الصيت والرفعة والانتشار في الأرض وكثرة العظماء مبلغا كبيرا لم يبلغه أحد سواهم. وانتشر تأثيرهم الديني جنوبا في عموم إفريقيا حتى ناهز الكامرون، مما جعل إشعاعهم في إفريقيا يغطي مساحات أكبر من مساحة الأندلس وما يزال إشعاعهم ممتدا فيها حتى الآن. كما انتشر شمالا وشرقا كذلك في وقت ما زالت فيه النهضة العلمية لعلماء بلاد شنقيط في بواكيرها فسيدي أعمر الشيخ بن الشيخ سيدي أحمد البكاي هو الذي جاب المنطقة مرافقا لشيخه المغيلي أولا، ثم بعد ذلك لما تولى مشيخة الطريقة القادرية بعد وفاة شيخه المغيلي، طولا وعرضا في رحلات دعوية لا تنقطع إلى المشرق والمغرب وفي حوض نهر النيجر وبلاد السودان داعيا الناس إلى مباديء الدين، ومربيا للأجيال على طريقته القادرية البكائية الكنتية.
ليقوم القطب الأشهر وشيخ الشيوخ الأكبر الشيخ سيدي المختار الكنتي (تـ 1226هـ) بعد ذلك بتجديد المسار الروحي والعلمي الكنتي إلى أن وصل معه إلى ذروته، فكان يعتبر مجدد القرن الثاني عشر الهجري في عموم العالم الإسلامي، وهو شيخ عدد كبير من كبار المشايخ داخل البلاد وخارجها، وقد كان عهده من أزهى العهود التي عرفها الإسلام والقادرية في المنطقة، حيث أثمرت جهود الشيخ سيدي المختار انتشار الزوايا الكنتية في إفريقيا والقطر المغربي كله، فمن ذلك على سبيل التمثيل لا الحصر الزاوية المختارية الكنتية، في العاصمة الرباط، التي أسسها ابن يعقوب الحاج محمد الرباطي، والزاوية المختارية الكنتية في مدينة مراكش وكان من أعلامها الشيخ الفاضل عبد الخالق بن احمد المراكشي، والزاوية القادرية الكنتية في بمدينة مكناس، ومؤسسها الباشا عبد الله بن أحماد البخاري السوسي، الذي سافر خصيصا إلى حاضرة الشيخ سيد المختار الكنتي الصغير بأزواد لكي يأخذ ورد الطريقة القادرية الكنتية لنفسه وللسلطان سيدي محمد الرابع ابن مولاي عبد الرحمن، كما أخذ الباشا ورد الطريقة كذلك لبعض وزراء السلطان، ثم قفل راجعا إلى المغرب.
وبعد الشيخ سيدي المختار جاء ابنه الشيخ سيدي محمد الخليفة الذي كان يعتبر زعيما روحيا لعدد من الدول الإسلامية الإفريقية من ماسنه إلى سوكوتو، وابنه الشيخ سيدي المختار الصغير الذي حافظ إلى الإشعاع الكنتي كبقية إخوته، وحفيده الشيخ عابدين بن الشيخ سيدي أحمد البكاي بن الشيخ سيدي محمد الخليفة، الذي دانت له عموم بلاد أزواد ولم يكن يصدر أمر في تنبكتو ولا في دولة حمدي لبو الماسني إلا عن رأيه، ولم يلق الفرنسيون أشد عليهم مقاومة منه، وحفيده الشيخ سيدي امحمد بن الشيخ سيدي محمد الخليفة بن الشيخ سيدي المختار الكنتي الذي حاول تأسيس إمارة إسلامية في الشمال، حينما جاء من منطقة أزواد سنة 1856م (1272هـ) في وفادة إلى قبيلة الرگيبات بالصحراء، ثم بنى دارا ببئر أم اگرين واتخذها موطنا له، وامتد نفوذه إلى آدرار والساحل، وبايعته قبائل كثيرة، وزاره محمد بن أحمد ابن عيده في مقره ببئر أم اگرين، واعترف بإمامته فعاضده الشيخ سيدي امحمد الكنتي، وكانت لهما أيام مشتركة، ودخلا آدرار ظافرين، وظل نفوذه يتعاظم إلى أن قتل عند تورين بـ”گور اگنيفيده” سنة 1281هـ/ 1865م.
وما يزال الإشعاع الكنتي في هذه البلاد يمد إفريقيا والمغرب العربي والمشرق الإسلامي حتى يومنا هذا. ويكفيهم ان هذه البلاد لم تعرف سلالة تسلسل فيها العلم والولاية لعشرة اجيال متتالية الا في كنته وقد نقل لنا الشيخ سيدي المختار الكنتي هذه السلسلة التي أطلق عليها العلماء اسم سلسلة الذهب الكنتية وهي: العالم والولي سيدي المختار بن العالم والولي سيدي محمد الأمين بن العالم والولي سيدي المختار الملقب عنتر بن العالم والولي سيدي أعمر بن العالم والولي سيدي أحمد بن العالم والولي سيدي محمد الرگاد بن العالم والولي سيدي أحمد الملقب بالفيرم، بن العالم والولي سيدي أعمر بن العالم والولي سيدي أحمد البكاي بن العالم والولي سيدي محمد الكنتي. وقد نظمتهم انا متوسلا بهم في مناسبة سابقة فقلت:

((رب بجاه السيد المختار
الصالح العالم ذي الفخار

وجاه سيدي محمد الأمين
منجبه الصالح الاورع الأمين

والسيد المختار أعني عنترا
منجب ذا الأخير أسمى الخفرا

وسيدي أعمر الاسنى منجب
السيد المختار الاسمى الاطيب

وسيدي أحمد منجب الفتى
أعمر ذي السنا الذي قد ثبتا

وسيدي محمد الرگاد
منجب من ذكر من أجداد

وسيدي أحمد وهو الفيرم
منجب من من الألى تقدموا

وسيدي أعمر منجب الذين
تقدموا من الجدود الصالحين

وسيدي أحمد وهو البكا
ي منجب الجميع الارضى الازكى

وسيدي محمد الكنتي
منجب من ذكر من ولي

أسألك الإيثار للمآل
والميل للإخلاص في الأعمال

والانحجاز عن هوى قد غلبا
علي والتيسير في ما صعبا

وأسأل العفو عن الذي مضى
وبعد نيل العفو أسأل الرضى

وبعد ذاك أسأل الذي حبا
بما تقدم مقام الاجتبا

والأنس والسكون بعد الانس
برب الانس عن جميع الانس

والائتساء بالنبي العربي
وكل من مد له بسبب

والوهب من فيض الخزائن التي
لمن رضيت عنه قد أنيلت

وما به تمن من فرائد
ومن فوائد ومن عوائد

فكرم المنان ليس يحصر
واللفظ عن درك مداه أقصر

وقد سألته وهو أعلم
بما أبين وما أكتم

مقدما سلسلة من ذهب
من حضرة القرب أمام مطلبي

وخاتما بأكمل الصلاة
ختما يجيز أكبر الصلات

على نبي هو محض الكرم
من مكرم على العباد منعم))”. الحسين ولد محنض

اتصل بنا على: 43409999 - 36676969 - 20301515

شاهد أيضاً

النقابة الوطنية لميكانيكيي السيارات والحرف تنظم حملة تنظيف تطوعية تزامنا مع ذكري الإستقلال المجيد(صور)

أطلقت النقابة الوطنية لميكانيكيي السيارات والحرف والحرة حملة نظافة واسعة في مختلف ولايات نواكشوط، وذلك …