كارثة الأشقاء السودانيين و سائقهم الموريتاني في صحراء جرداء درس آخر تجب الإستفادة منه
كان كارثة الاشقاء السودانيين و سائقهم الموريتاني في صحراء جرداء درس آخر يجيب الاستفادة منه متأخرا عندما وردت اسماء المرحومين و ارقام هواتفهم علي جهاز هاتفي مع صورة السائق و بخط جميل علي ورقة بيضاء. كلمة واحدة لفتت انتباهي ان المجموعة قد وصلت شوم يوم جمعة في اتجاه الشامي قادمة من ازويرات كانت الايام شديدة الحرارة ، فإريفي يفعل فعلته في انواكشوط التي يعلم الله كيف حالها اما الشمال فالظروف المناخية شديدة الوطأة باستثناء طبعا مدينة انواذيب. في تتبع أثر المجموعة كانت معلومة قد وردت انهم سلكوا الطريق المحاذي للسكة الحديدية ذكر الاهالي مرورهم من جانب عمود تغطية شنقيتل في انويشلات علي بعد 30 او 40 كلم غربا و هو مكان تظهر فيه بقايا الطريق المدعم الذي بنته فرنسا ما بين ازويرات و انواذيب في خمسينات القرن الماضي. رحم الله عمنا الذي عمله فيه و كيف كان يذكر لنا قصص نفلزات الفرنسيين و هم يسابقون الزمن ليل نهار لإكمال ذلك الطريق. كان شوم عند رأس الطارف ( رأس الجبل) حيث يحفر النفق الذي سيمر منه القطار فيما بعد. اما ازويرات فمخيمات لمدينة ناشئة بجانب افديرك المدينة ، تحمل اليها الاليات عبر معبر وررده الذي يتقاطع عنده الطريق الرابط ما بين دكار و الجزائر سابقا مع الطريق القادم من انواذيب. فطريق وررده يستخدم هو الآخر قريبا من مكان حفر النفق و هما ممران فرضتهما اسبانيا علي فرنسا التي شقت السلسلة الجبلية مرتين لهذا الغرض. اما اليوم فالطريق المعبد يحاذي الجبل من الغرب. في الخمسينات كل وسائل انتاج المعدن الجديد قادمة من ميناء انواذيب مرورا من هناك و الميطارة كما يسمونهم الاهالي قد بدأوا في وضع الاشارات لمرور السكة الحديدية من مكانها الحالي. في تلك النقطة التي وصلوا اليها يوجد ما يسمي بمكطع للسكة الحديدية اي تنتقل السيارة من شمال السكة الحديدية الي جنوبها فتدخل الي طريق محاذي هو الآخر لجنوب السكة يؤدي الي كثبان ابنعميره. اذا لم تكن خبيرا بتلك المنطقة و التي نحي ساكنتها علي ذلك الصبر الجميل ؛ فإنك ستزيحك الطريق الصعبة بكثبانها الصعبة الي عين ابنعميره جنوبا هناك الخطر، ستتري امامك طريق يبدو أسهل لانه يسير بين الكثبان، تعتقد بانك اتيت الي ما يختصر المسافة فالنقاط علي GPS تجعل الأرض مستوية. انها تتحدد بعيدا عنك في متتالية تجعل السيارة تركن الي أعلي سرعة يمكن السير عليها و كأن المكان ينادي لمن يريد ان يصطاده. قبل ان تدخل الي ذلك المجهول يبقي كلب ابنعميره ثاني أطول سلسلة جبلية في العالم بعد سلاسل استراليا المعروفة شامخا في ذلك المكان المعزول، انه دليل واقف في تلك الارض الجرداء ، فلو تكلم للوح بيديه لكل سالك للطريق : انتبهوا لا تعبروا شمال السكة الحديدية حتي لا تدخلوا الي المجهول، حيث الكثبان الرملية الغير متناهية تربط ما بين شوم و الشامي بصورة متعرجة مرورا باحميم اكواتيم و فيافي اخري كثيرة مخيفة خطرة لا تكاد تصدق الناس ما يحدث فيها و مع ذلك عبرت اقدام المنقبين تلك الأرض بثبات فكانت الاف الناس تجوبها ذهابا و ايابا حتي اعتقدت الناس انهم عمروها. كان الفرنسيون في العالم 1908 قد أعطوا جوائز لقافلة من الشاحنات قد سلكت الطريق من روصو مرور بانواكشوط الحالي مباشرة حتي انواذيب الذي سيسلكون الطريق من عنده في اتجاه عكي أي شوم الأول. لقد عد الفرنسيون ذلك العمل المغامر انجازا فريدا من نوعه. ربما كانوا يدرسون ذلك الجانب من الوطن و في وقت مبكر من احتلالهم للدولة. المهم ان تلك الارض يعرفها أشخاص أدلاء قلائل و هي ارض بكر يقال ان الذهب يمكن ان يوجد في كثبانها لو توفرت سبل للحياة قريبة منها و مع ذلك تبقي خطيرة بكل المقاييس. لا يخفف من ذلك الا انشاء طريق معبد محاذيا للسكة و علي خطي الطريق الذي كانت تستخدمه فرنسا ما بين ازويرات و انواذيب و الذي ينقصه ربط شوم بولنوار. صحيح بان الانسان يكون في أسرع اوقاته عندما يحين اجله في تربة معينة. لكن ذلك لا يعفي الدولة الموريتانية و الشركة الوطنية للصناعة و المناجم أسنيم علي وجه التحديد في تحمل المسؤولية في هذا الامر. لقد اكتشف الرأي العام و الجانب الدبلوماسي للاشقاء السودانيين جزءا من ذلك المجهول و كيف يكابد سكان خط السكة الحديدية من ابنعميره، الحاضرة، اتميميشات، انال، لقريدات، ظ بلال، اسويدات و غيرهم مشاق الحياة في ذلك الجزء من الوطن. صحيح بأن العزلة الجغرافية يتولد عنها عدم توفر الاخبار و ما ينشر عن المنطقة. قصور مواقع الاخبار عندنا في نقل المعلومات يوضح ذلك، ففي الوقت الذي كان سفير دولة شقيقة يتنقل مع سلطات ادارية في تلك الفيافي الخطرة كانت المواقع فقيرة من اخبار الموضوع و لما اوردتها اوردتها متناقضة تارة في اتميميشات و تارة اخري في ابنعميره. صحيح بان نقل الاخبار الموثوقة صعبا لكن علي المواقع ان تكلف نفسها بالبحث في الميدان الذي تدور فيه الاحداث، حتي تكون التغطية تعم الجميع. اما المدونون فعليهم التريث دوما و عدم نقل كل واردة او شاردة في هذا النوع من المصائب. مراعاة للاحوال النفسية لذوي المفقودين فالصور ممنوعة النشر و كل خبر لا ينقل عن جهة رسمية. مرة اخري يكتشف الراي العام المعدن الاصيل للاخوة السودانيين الذين اعطوا تجربتهم في مجال التنقيب السطحي عن الذهب لاشقاءهم الموريتانيين فبفضل الله و هذا الجهد يقول البنك المركزي في تقاريره بان هذا القطاع استطاع خلق أكثر من 45000 وظيفة مباشرة و ما يزيد علي مائة الف غير مباشرة. قصة تتداولها الاهالي في انواذيب بان احد الاخوة السودانيين سجن عندنا في الثماننيات بسبب تنقيبه عن الذهب في احميم الذي سيبدأ فيه الموريتانيون نهاية 2015. في التسعينات كان السياح قادمين من عاصمة الولاية أطار انذاك يعبرون من شوم في اتجاه تازيازت مباشرة فتتعجب الناس من مخاطرتهم في تلك الفيافي. عندما كنت صغيرا في شوم و في التسعينات كذلك كنا نمر و نحن في طريقنا الي وادنا واد توجنين 22 كلم جنوب شوم، علي السياح الاجانب في الخيام عند عكي لم نكن نفهم ما يفعلوه هناك حتي اتضح ان عكي خاصة الرك لبيظ منه و كلب ول حيسه و كلب منت الرغوة نقاط للذهب تم تحديدها بطرق علمية دقيقة. كل ذلك يكفي لان يوضح لك كيف كان هذا الغرب منافقا ، ناهبا لثروات افريقيا ، فالغربي لا يحمل اخلاقه خارج وطنه، ان كان لمالك ابن نبي ان يعود اليوم. رحم الله من قضوا و تعازيينا لكل الاهالي في السودان و نجا الله من بقي. وفق الله من في حقل التنقيب و نرجو منهم عدم المغامرة في مثل هذه الاوقات الحارة و الصعبة. طيب الله اوقاتكم حمود ول اكليد